Saturday, August 15, 2009

عــالبــحـــــــر

فوق صخره مرتفعه امام البحر جلست ... لم تكن تدرك ان الليل قد انتصف فقد كانت غارقه فى افكارها ... كان الهواء فى تلك الليله قوى .. يطير خصلات شعرها على عينيها فترجعهم الى الخلف كى لا يحجبها شىء عن رؤيه صديقها العزيز...البحر!!!
قد كان ثائرا فى تلك الليله .. يهدا حينا و تطلاطم امواجه احيانا .. ولم لا .. فهو صديقها الذى يشعر بها .. فيهدا لهدوئها و يثور فى انفعالاتها ... وفى تلك الاثناء كانت تدب نسمات الهواء البارده فى جسدها القشعريره و فى روحها الاحساس بالحياه معا... فتلك البروده فى اطرافها تشعرها بالحياة .. تحاول جاهده ضم جسدها بين ذراعيها علها تجد بعض الدفء..

لم تكن يوما فى حال اسعد من ذلك الوقت .. فهى لم تشعر يوما بمثل تلك الراحه و ذلك الامان او ذاك الرضا التام الذى يضعها فى تلك الحاله من السلام .. حالة استسلام تام...
الاستسلام الذى ابدا لم تعرفه قبلا ... فهى لم تستلم لاحد او حتى لشيء من قبل .. فقد ولدت عنيده .. قويه على هشاشتها .. نعم فلقد كانت هشه للغاية .. لديها حساسيه مفرطه تجاه كل شيء فى الحياه تقريبا... تجعلها تلك الحساسيه انسانه هشه .. ترتفع الى السماء السابعه فى لحظه .. وتهبط الى الارض السابعه فى اخرى...
ولكن ابدا لم يكن ذلك ضعفا فمهما هبطت كانت دائما ما تعرف كيف تستجمع قواها و تقف مره اخرى على قدميها - فى الوقت المناسب لها ... فهى لم تعمل ابدا وفقا لمواقيت الاخرين - لتواجه و تنجح .. بداخلها شيء دائما ما يرفض الفشل و يجعلها تحاول و تحاول حتى تصل لما تريد .. فقط لتبحث عن التحدى القادم...

يملك قلبها من الحب الكثير .. قادره - عندما تريد- ان تعطى الكثير و الكثير من الحب و الحنان و الاهتمام لمن حولها ..و مع ذلك لم تكترث ابدا لاستحقاقهم ذلك الاهتمام من عدمه ... كان ما يهمها دائما هو ان تفعل ما تريد و ما تشعر به .. فهى دائما ما كانت تشعر بمسئوليتها عن الاخرين من حولها.. تقلق لامورهم .. و كان القلق و التفكير الزائد هما لعنتها ... وما كان يزيد الامر سوءا هو عدم قدرتها على الشعور بمجرد امكانيه ان تكون هى المسئوله من شخص اخر .. حتى اهلها و اقرب الاقربين .. فقد كانت تعتمد على نفسها فى جميع قرارتها منذ ادركت وجودها فى الحياه .. و كان ذلك دائما حاجز امام كل من يحاول الاقتراب منها والاهتمام بها .. فابدا لم تسمح لاحد بذل وان كانت تريده اكثر مما قد يتخيله بشر...

تنهدت بعمق .. فخرجت الحراره الكامنه بداخلها لتدفئ بخار الجو البارد .. و يرتفع امامها .. تراقبه فتراه يتشكل امامها ...ها هو ياخذ شكل حلقات دائريه .. ثم تتجمع تلك الحلقات معا لتكون كتله واحده .. فقط ليفرقها الهواء من جديد و يكون منها شكلا جديدا .. كانت تفكر فى شكل البخار عندما رأته امامها ياخذ شكل ساعه تسير عقاربها عكسيا .. فشردت مجددا لعالم بعيد .. لقد عادت بالزمان لبدايته ...

رأت طفله صغيره تجلس وحيده ... يجرى الاطفال من حولها .. و احيانا من فوقها .. و هى جالسه فى الارض مستنده الى الحائط تتمنى لو تتلاشي فى احجاره .. لتختفى من هذا المكان .. فهى وحيده و ضعيفه ... لم يعلمها احد كيف تقف و كيف تتحدث للاخرين .. فكانت تخاف من مجرد فكره التحدث لاشخاص جدد .. فتفضل السكوت و الجلوس بعيدا .. ولكن الاخرون لم يرق لهم الابتعاد ... فكان اقترابهم الم و تعب .. كانوا يقولون لها انها لا تساوى شيء .. انها قبيحه ... وان وجودها فى الحياه لا معنى له ... كان ذلك من كل الاخرين فى حياتها .. كلهم يتفقون على الشيء ذاته... الى ان قررت عدم الاكتراث .. قررت ان الهجوم افضل وسيله للدفاع .. فاصبحت ردود افعالها تتسم بالعنف ... لا تظهر اكتراث او اهتمام لما يقوله الاخرين الا الهجوم ... و ان كان يقتلها ما تسمعه فى داخلها ...

وكبرت تلك الطفله و اصبحت مراهقه ... تعلمت كيف تستطيع التحدث الى الناس ... تخلت عن بعض موقفها الدفاعى تجاه الحياه ... فاصبحت فجاه مشهوره ... يعرفها الجميع ... تجلس مع هؤلاء و تتركهم للتحدث مع اخرين ثم تقف مع مجموعه مختلفه ... اشتهرت بتفوقها ولكن الاهم كان سرعه بديهتها و ردودها الحاضره... فكانت تملك الكثير مما يطلق عليه البعض اسم( شقاوة و لماضه) ... لكن جزء منها لم ينسي الطفله الوحيده .. ظلت بداخلها تقول لها ان ما تعيشه غير حقيقي ... وان من حولها ايضا هم غير حقيقيون .. فالحقيقه الوحيده التى تعرفها هى الوحده ... فكانت
تستمع لها حينا وتتجاهلها احيانا كثيره ...

وفى مرحله المراهقه ... بدات البنات من حولها يأتون اليها بمشاكلهم العاطفيه ... فهذه تحب .. و تلك تشتكى لها من ذاك الفتى الذى يحبها ... كانت تستمع لهم .. و تحاول مساعدتهم .. و بداخلها صوت تلك الطفله يعلو و يقول لها أرأيتى ... ألم أقل لك انك لا تستحقين الحب .. كل الفتيات من حولك يحببن او يوجد من يحبهن ... اما انتى فلا يوجد احد فى حياتك ... بل لا يراكى احد من الاساس ...

ومرت الايام و لم يتغير اى شيء ... الكل من حولها يدخل و يخرج من علاقات .. و هى معهم فى كل واحده منها .. تعيش معهم مشاكلهم و تفاصيلهم ... ولا تملك تجربه لنفسها ... ولكنها تعيش فى قصه حب دائمه ... تحب ذلك الخيال لفتى احلامها ..ذاك الذى رسمت له تصور كامل تعشقه بكل كيانها ... ولكن لم تجد له ملامح ... كانت تحب الحب ذاته .. و لكن ليس ذلك فقط ... فهى تحب انسان ... تحب شخص حقيقي ..شخص لم تجده بعد .. تحبه منذ ان ولدت لانه يستحق ان تعشقه من
قبل حتى ان تولد ... فهى تؤمن انها خلقت له ... خلقت لتحبه ...

ولكن بالطبع لم يستطع احد فهم ذلك ... فوضعت صوره للخيال ... و اوهمت نفسها ان كل هذا الحب بداخلها .. هو لذاك الشخص فقط ... و بالطبع لم يكن ذلك الشخص يكترث لها .. ولم يمنعها ذلك من ان تعيش تلك القصه كما تراها فى الافلام ... حتى لا تكون اقل من الاخريات اللاتى يعشن فى قصص و حكايات .. ولكن يظل صوت الطفله يسخر منها و يخبرها ان لا احد سينتبه لها ... و انها لا تستحق ان يحبها احد...

ومرت ايام كثيره اخرى اصبحت المراهقه فيها شابه .. و ارتبط ذاك الشخص .. فشعرت بالحزن ... ولكنها ادركت....

To Be Continued